فصل: ومن باب صلاة الطالب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن باب صلاة الخوف:

قال أبو داود: حدثنا سعيد بن منصور، حَدَّثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد، عَن أبي عياش الزُّرَقي قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُسْفان وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلينا الظهر فقال المشركون لقد أصبنا غِرةً لوحملنا عليهم وهم في الصلاة فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر فلما حضرت العصر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صفُّ وصفَّ بعد ذلك الصف صف آخر فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الآخرون يحرسونهم فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الآخر إلى مقام الصف الأول ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعا فسلم عليهم جميعا فصلاها بعسفان وصلاها يوم بني سليم».
قال أبو داود رواه جابر وابن عباس وأبو موسى نحو هذا المعنى.
قلت: صلاة الخوف أنواع وقد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وعلى أشكال متباينة يتوخى في كلًّ ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة وهي على اختلاف صورها مؤتلفة في المعاني وهذا النوع منها هو الاختيار إذا كان العدو بينهم وبين القبلة. وإن كان العدو وراء القبلة صلى بهم صلاته في يوم ذات الرقاع وقد ذكره أبو داود في هذا الباب.
قال أبو داود: حدثنا القعنبي عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوّات عن من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف «أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم».
قلت: وإلى هذا ذهب مالك والشافعي إذا كان العدو من ورائهم.
وأما أصحاب الرأي فإنهم ذهبوا إلى حديث ابن عمر.
قال أبو داود: حدثنا مسدد، حَدَّثنا يزيد بن زريع عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو وانصرفوا فقاموا في مقام أولئك فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم عليهم ثم قام هؤلاء فقضوا ركعتهم وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم».
قلت: وهذا حديث جيد بالإسناد إلاّ أن حديث صالح بن خوات أشد موافقة لظاهر القرآن لأن الله سبحانه قال: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} [النساء: 102] الآية فجعل إقامة الصلاة لهم كلها لا بعضها وعلى المذهب الذي صاروا إليه إنما يقيم لهم الإمام بعض الصلاة لا كلها.
ومعنى قوله: {فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم} أي إذا صلوا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسجد سجدتين أي فليركع ركعتين» ثم قال: {ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا} فكان دليل مفهومه أن هؤلاء قد صلوا وقوله: {فليصلوا معك} مقتضاه تمام الصلاة وهو على قولهم لا يصلون معه إلاّ بعضها وقد ذكر الطائفتين ولم يذكر عليهما قضاء فدل أن كل واحدة منهما قد انصرفت عن كمال الصلاة، وهذا المذهب أحوط للصلاة لأن الصلاة تحصل مؤداة على سننها في استقبال القبلة وعلى مذهبهم يقع الاستدبار للقبلة ويكثر العمل في الصلاة، ومن الاحتياط في المذهب الأول أنهم إذا كانوا خارجين من الصلاة تمكنوا من الحرب إن كانت للعدو جولة وإذا كانوا في الصلاة لم يقدروا على ذلك فكان المصير إلى حديث صالح بن خوات أولى والله أعلم.
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن معاذ، حَدَّثنا أبي، حَدَّثنا الأشعث عن الحسن، عَن أبي بكرة قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا فوقفوا موقف أصحابهم ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين ركعتين».
قلت: وهذا النوع من الصلاة أيضًا جاءت به الرواية على قضية التعديل وعبرة التسوية بين الطائفتين لا يفضل فيها طائفة على الأخرى بل كل يأخذ قسطه من فضيلة الجماعة وحصته من بركة الأسوة.
وفيه دليل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل.
قال أبو داود: حدثنا مسدد، حَدَّثنا يحيى عن سفيان حدثني الأشعث بن سليمان عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم، قال كنا مع سعيد بن العاص بطَبَرَستان فقال أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقال حذيفة أنا فصلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا.
قلت: وهذا قد تأوله قوم من أهل العلم على صلاة شدة الخوف.
وروي عن جابر بن عبد الله أنه كان يقول في الركعتين في السفر ليستا بقصر إنما القصر واحدة عند القتال.
وقال بعض أهل العلم في قول الله تعالى: {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} [النساء: 110] إنما هو أن يقصر ويصلي ركعة واحدة عند شدة الخوف قال وشرط الخوف هاهنا معتبر باق ليس كما ذهب إليه من ألغى الشرط فيه.
قلت: وهذا تأويل قد كان يجوز أن يتأول عليه الآية لولا خبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته»، وكان إسحاق بن راهويه يقول أما عند الشدة تجزيك ركعة واحدة تومىء بها إيماء فإن لم تقدر فسجدة واحدة فإن لم تقدر فتكبيرة لأنها ذكر الله. ويروى عن عطاء وطاوس والحسن ومجاهد والحكم وحماد وقتادة في شدة الخوف ركعة واحدة يومئ بها إيماء.
فأما سائر أهل العلم فإن صلاة شدة الخوف عندهم لا ينقص من العدد شيئا ولكن يصلي على حسب الإمكان ركعتين أي وجه يوجهون إليه رجالا وركبانا يومئون إيماء، روي ذلك عن عبد الله بن عمر وبه قال النخعي والثوري وأصحاب الرأي وهو قول مالك والشافعي. وأخبرني الحسن بن يحيى عن ابن المنذر قال: قال أحمد بن حنبل كل حديث روي في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز قال وقال أحمد ستة أوجه أو سبعة يروى فيه كلها جائز.

.ومن باب صلاة الطالب:

قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن عمرو بن الحجاج أبو معمر البصري حدثنا عبد الوارث، حَدَّثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر، عَن أبي عبد الله بن أُنيس عن أبيه قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهُذَلي وكان نحو عُرنة وعرفات قال اذهب فاقتله فرأيته وحضرت صلاة العصر فقلت إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماءً نحوه فلما دنوت منه قال لي من أنت قلت رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذاك قال إني لفي ذاك فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد».
قلت: واختلفوا في صلاة الطالب فقال عوام أهل العلم إذا كان مطلوبا كان له أن يصلي إيماء وإذا كان طالبا نزل إن كان راكبا وصلى بالأرض راكعا وساجدا، وكذلك قال الشافعي إلاّ أنه شرط في ذلك شرطا لم يشرطه غيره قال إذا قل الطالبون عن المطلوبين وانقطع الطالبون عن أصحابهم فيخافون عودة المطلوبين عليهم فإذا كان هكذا كان لهم أن يصلوا يومئون إيماء.
قلت: وبعض هذه المعاني موجودة في قصة عبد الله بن أنيس.

.باب تفريع أبواب التطوع:

ومن باب التطوع:
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرة حدثني عبد الله بن العلاء حدثني عبيد الله بن زياد الكندي عن بلال أنه حدثه «أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الغداة فشغلت عائشة بلالا بأمر سألته عنه حتى فضحه الصبح فأصبح جدا وأنه أبطأ عليه بالخروج فقال إني كنت ركعت ركعتي الفجر فقال يا رسول الله إنك أصبحت جدا» وساق الحديث.
قلت: فضحه الصبح معناه دهمته فضحة الصبح، والفضحة بياض في غبرة وقد يحتمل أن يكون معناه أنه لما تبين الصبح جدا ظهرت غفلته عن الوقت فصار كمن يفتضح بعيب يظهر منه والله أعلم.
وقد رواه بعضهم فصَحه الصبح بالصاد غير المعجمة، قال ومعناه بان له الصبح ومنها الإفصاح بالكلام وهو الإبانة باللسان عن الضمير.

.ومن باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر:

قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب، حَدَّثنا حماد عن عاصم عن عبد الله بن سَرجِس قال: «جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فصلى الركعتين ثم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فلما انصرف قال يا فلان أيتهما صلاتك التي صليت وحدك أو التي صليت معنا».
قلت: في هذا دليل على أنه إذا صادف الإمام في الفريضة لم يشتغل بركعتي الفجر وتركهما إلى أن يقضيهما بعد الصلاة.
وقوله: «أيتهما صلاتك» مسألة إنكار يريد بذلك تبكيته على فعله.
وفيه دلالة على أنه لا يجوز أن يفعل ذلك وإن كان الوقت يتسع للفراغ منهما قبل خروج الإمام من صلاته لأن قوله: «أو التي صليت معنا» يدل على أنه قد أدرك الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من الركعتين.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن المتوكل حدثنا عبد الرزاق حدثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار، عَن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة».
قلت: وفي هذا بيان أنه ممنوع من ركعتي الفجر ومن غيرها من الصلوات إلاّ المكتوبة.
وقد اختلف الناس في هذا فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يضرب الرجل إذا رآه يصلي الركعتين والإمام في الصلاة. وروي الكراهية في ذلك عن ابن عمر وأبي هُرَيْرَة وكره ذلك سعيد بن جبير وابن سيرين وعروة بن الزبير وإبراهيم النخعي وعطاء وإليه ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل.
ورخصت طائفة في ذلك روي ذلك عن ابن مسعود ومسروق والحسن ومجاهد ومكحول وحماد بن أبي سليمان.
وقال مالك إن لم يخف أن يفوته الإمام بالركعة فليركع خارجا قبل أن يدخل فإن خاف أن يفوته الركعة فليدخل مع الإمام فليصل معه.
وقال أبو حنيفة إن خشي أن يفوته ركعة من الفجر في جماعة ويدرك ركعة يصلي عند باب المسجد ثم دخل فصلى مع القوم، وإن خاف أن يفوته الركعتان جميعا صلى مع القوم.

.ومن باب من فاتته متى يقضيها:

قال أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن سعد بن سعيد حدثني محمد بن إبراهيم عن قيس بن عمرو قال: «رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ركعتان، فقال الرجل إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم».
قلت: فيه بيان أن لمن فاتته الركعتان قبل الفريضة أن يصليهما بعدها قبل طلوع الشمس وأن النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إنما هو فيمل يتطوع به الإنسان إنشاءً وابتداءً دون ما كان له تعلق بسبب.
وقد اختلف الناس في وقت قضاء ركعتي الفجر فروي عن ابن عمر أنه قال يقضيهما بعد صلاة الصبح وبه قال عطاء وطاوس وابن جريج.
وقال طائفة يقضيهما إذا طلعت الشمس، وبه قال القاسم بن محمد وهو مذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
وقال أصحاب الرأي إن أحب قضاهما إذا ارتفعت الشمس فإن لم يفعل فلا شيء عليه لأنه تطوع.
وقال مالك يقضيهما ضحى إلى وقت زوال الشمس ولا يقضيهما بعد الزوال.
قال أبو داود: حدثنا الربيع بن نافع، حَدَّثنا محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم، عَن أبي سلام، عَن أبي أمامة عن عمرو بن عنبسة السُّلمي أنه قال: قلت يا رسول الله أي الليل اسمع قال جوف الليل الآخر فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح ثم اقصر حتى تطلع الشمس فترتفع قِيسَ رمح أو رمحين فإنها تطلع بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار ثم صل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله ثم أقصر فإن جنهم تسجر وتفتح أبوابها فإذا زاغت الشمس فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر ثم أقصر حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان ويصلي لها الكفار وساق الحديث.
قلت: قوله: «أي الليل أسمع»، يريد أي أوقات الليل أرجى للدعوة وأولى بالاستجابة وضع السمع موضع الإجابة كما يقول المصلي سمع الله لمن حمده، يريد استجاب الله دعاء من حمده. وقوله: «جوف الليل الآخر» يريد به ثلث الليل الآخر وهو الجزء الخامس من أسداس الليل، وقيس رمح معناه قدر رمح في رأي العين يقال هو قيس رمح وقيد رمح بمعنى واحد.
وقوله: «فإن الصلاة مشهودة مكتوبة»، معناه أن الملائكة تشهدها وتكتب أجرها للمصلي.
ومعنى قوله: «حتى يعدل الرمح ظله» وهو إذا قامت الشمس قبل أن تزول، فإذا تناهى قصر الظل فهو وقت اعتداله وإذا أخذ في الزيادة فهو وقت الزوال.
قلت: وذكره تسجير جهنم وكون الشمس بين قرني الشيطان وما أشبه ذلك من الأشياء التي تذكر على سبيل التعليل لتحريم شيء أو لنهي عن شيء أمور لا تدرك معانيها من طريق الحس والعيان، وإنما يجب علينا الإيمان بها والتصديق بمخبوءاتها والانتهاء إلى أحكامها التي علقت بها وقد ذكرت فيما تقدم من الكتاب ما قيل في معنى قرني الشيطان وحكيت في ذلك أقوالا لأهل العلم فأغنى عن إعادتها هاهنا.
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة، عَن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق قالا نشهد على عائشة أنها قالت: «ما من يوم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ صلى بعد العصر ركعتين».
قلت: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت قد قيل أنه مخصوص بها، وقيل إن الأصل فيه أنه صلاها يوما قضاء لفائت ركعتي الظهر وكان صلى الله عليه وسلم إذا فعل فعلا واظب عليه ولم يقطعه فيما بعد.
قال أبو داود: حدثنا عبد الله النفيلي حدثنا ابن عُلَية عن الجُريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة لمن شاء».
قلت: أراد بالأذانين الأذان والإقامة حمل أحد الاسمين على الآخر والعرب تفعل ذلك كقولهم الأسودين للتمر والماء، وإنما الأسود أحدهما، وكقولهم سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وإنما فعلوا ذلك لأنه أخف على اللسان من أن يثبتوا كل اسم منهما على حدته ويذكروه بخاص صفته، وقد يحتمل أن يكون ذلك في الأذانين حقيقة الاسم لكل واحد منهما لأن الأذان في اللغة معناه الإعلام. ومنه قوله تعالى: {وأذان من الله ورسوله} [التوبة: 3] فالنداء بالصلاة أذان بحضور الوقت والإقامة أذان بفعل الصلاة.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن منيع، حَدَّثنا عباد بن عباد عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر، عَن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يصبح على كل سلامى من بني آدم صدقة فتسليمه على من لقي صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة وبضعته أهله صدقة ويجزي من ذلك كله ركعتا الضحى».
قلت: السُّلامى عظام أصابع اليد والرجل ومعناه عظام البدن كلها يريد أن في كل عضو ومفصل من بدنه عليه صدقة.